ـ "إن البلاء مُوَكَّل بالمنطق" ، ذكر ابن عباس ، رضي اللّه تعالى عنه ، قال: حدثني علي ابن أبي طالب ، رضي اللّه تعالى عنه ،لما أُمِرَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يَعْرِضَ نفسَه على قبائل العرب خرجوأنا معه وأبو بكر ، رضي اللّه تعالى عنه ، فَدُفِعْنَا إلى مجلسٍ من مجالس العرب ، فتقدم أبو بكر وكاننَسَّابة فسَلَّم فردُّوا عليه السلام فقال: ممن القوم؟ قالوا: من ربيعة
فقال: أمِنْ هامتها أم من لَهَازمها ؟ ، قالوا: من هامتها العظمى
قال: فأيُّ هامتها العظمى أنتم ؟ ، قالوا: ذُهْلٌ الأكبر
قال: أفمنكم عَوْف الذي يقال له"لاَ حُرّ بِوَادِي عَوْف" ؟ ، قالوا: لا
قال: أفمنكم بِسْطَام ذُو اللَّواءومنتهى الأحياء ؟ ، قالوا: لا
قال: أفمنكم جَسَّاس بن مُرَّةَحامي الذِّمار ومانِعُ الجار ؟ ، قالوا: لا
قال: أفمنكم الحَوْفَزَان قاتلالملوك وسالبها أنفَسها ؟ ، قالوا: لا
قال: أفمنكم المزدَلف صاحب العِمَامةالفَرْدة ؟ ، قالوا: لا
قال: أفأنتم أخوال الملوك من كِنْدَة ؟ ، قالوا: لا
قال: فلستم ذُهْلا الأكبر ، أنتم ذُهلٌ الأصغر .
ـ فقام إليه غلامٌ قد بَقَلَ وَجْههُ يُقال له دُغْفُل ، فقال :"إنَّ عَلَى سِائِلِناَ أنْ نَسْأَلَه ، وَالْعِبْءُ لاَ تَعْرِفُهُأوْ تَحْمِلَهُ" ، يا هذا ، إنك قد سألتنا فلم نكتمك شيئاً ، فمن الرجل أنت ؟ ، قال: رجل من قريش
قال: بخ ٍ بخ ٍ أهل الشرف والرياسة ، فمن أي قريش أنت ؟
قال: من تَيْم بنمُرَّة
قال: أمْكَنْتَ واللّه الرامي من صفاء الثغرة ، أفمنكم قُصَيّ بن كلاب الذي جَمَعَ القبائل من فِهْر وكان يُدْعَى مُجَمِّعاُ ؟ ، قال: لا
قال: أفمنكم هاشم الذي هَشَم الثريدَ لقومه ورجالُ مكة مُسْنتُونَ عِجَاف ؟ ، قال: لا
قال:أفمنكم شَيْبَةُ الحمدِ مُطْعم طير السماء الذي كأن في وجهه قمراً يضيء ليل الظلام الداجي؟، قال: لا
قال: أفمن المُفِيضينَ بالناس أنت ؟ ، قال: لا
قال:أفمن أهل النَّدْوَة أنت ؟ ، قال: لا
قال: أفمن أهل الرِّفادة أنت ؟ ، قال:لا
قال: أفمن أهل الحِجَابة أنت ؟ ، قال: لا
قال: أفمن أهل السِّقَايـــةأنت ؟ ، قال: لا
قال: واجتذبَ أبو بكر زِمام ناقته فرجع إلى رسول اللّه صلىاللّه عليه وسلم ، فقال دُغْفُل : "صادَفَ دَرأ السيل دَرْأً يصدعُهُ" ، أما واللّه لوثبتَّ لأخبرتك أنك من زَمَعَات قريش أو ما أنا بدُغْفُل !
قال : فتبسَّم رسولُ اللّهصلى اللّه عليه وسلم .
قال علي: قلت لأبي بكر: لقد وقَعْتَ من الأعرابي على باقِعَةٍ ! قال: "أجَلْ إن لكل طامة طامة" ، و"إن البلاء مُوَكَّل بالمنطق" فذهبت مثلا .